الدرس : [26] : باب : الحقوق المتعلقة بالتركة
[ باب : الحقوق المتعلقة بالتركة ]
مـوانـع الإرث
المانع في اللغة : الحائل بين الشيئين .
قال في القاموس المحيط : مَنَعَهُ يَمْنَعُهُ، بفتحِ نُونِهِما : ضِدُّ أعْطاهُ، كمَنَّعَهُ، فهو مانِعٌ ومَنَّاعٌ ومَنُوعٌ .
وقال في اللسان : منع : الـمَنْعُ : أَن تَـحُولَ بـين الرجل وبـين الشيء الذي يريده، وهو خلافُ الإِعْطاءِ . ويقال: هو تـحجيرُ الشيء، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً ومَنَّعَه فـامْتَنَع منه وتمنَّع.
ورجل مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِـينٌ مُـمْسِكٌ. وفـي التنزيل: {مَنَّاعٍ للـخير} وفـيه: {وإِذا مسَّه الـخيْرُ مَنُوعاً}. ومَنِـيعٌ: لا يُخْـلَصُ إِلـيه فـي قوم مُنَعاءَ .
المانع اصطلاحاً: المانع في اصطلاح الفرضيين : ما تفوت به أهلية الإرث مع بقاء السبب وتحقق الشرط .
مثاله : الرق ، فإنه يلزم من وجوده في الشخص عدم الإرث ، ولا يلزم من عدمه وجود الإرث ولا عدمه .
وقيل أيضاً : هو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته .
فالمانع عكس الشرط . وقولهم لذاته يرجع لشقي التعريف .
ما يلزم من وجوده العدم - لذاته - فلو وجد القتل لزم من ذلك المنع من الإرث لذات القتل .
فائدة : لو وجد شخص عليه نجاسة ولم يجد الماء فإنه يصلي ؛ فلم يلزم من وجود النجاسة عدم الصلاة - فتكون إذا النجاسة غير مانع لذاته - بل لوجود المرخص وهو فقد الماء .
فالقتل مانع للإرث فلو لم يكن هناك قتل ووجد سبب الإرث وتحقق شرطه فيوجد الإرث ليس لذات القتل بل لوجود السبب وتوفر الشرط .
موانع الإرث ثلاثة ، إذا اتصف أحد الورثة بواحد منها منع من الميراث وهي : الرق , والقتل , واختلاف الدين ..
وتفصيل ذلك ما يلي :
أولاً- الـرق :
الرق في اللغة : العبودية .
واصطلاحاً : عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر وقيل هو وصف يكون به الإنسان مملوكاً.
معنى كون الرق مانعاً من الميراث : أن الرقيق - العبد - لا يرث إذا مات أحد أقربائه ، لأنه لو ورث شيئاً ، لكان لسيده دونهُ ؛ لأنه لا يمْلك ، كما أن مال الميراث لا يحق للسيد لأنه يعد أجنبيا عن الميت .
كما أن الرقيق - العبد - إذا مات لم يرثهُ أحد من أقربائه ، لأنه لا مُلكَ له ، وإن ملك فملكه ضعيف يرجع إلى سيده ببيعه ؛ لقوله :- صلى الله عليه وسلم - [من باعَ عبداً وله مال فمالُهُ للبائع ، إلاّ أن يشترطه المبتاع [ [متفق عليه ] . فكذلك بموته ، فالعبد لا يرث ولا يورث.
والرق أنواع : فقد يكون كاملاً كالقن أو قريباً منه كالمدبر ( وهو العبد الذي علقت حريته على موت سيده ) أو ناقصاً كالمكاتب الذي لم يوف ما عليه من أقساط وهؤلاء حكمهم واحد فهم لا يرثون – بل أموالهم لأسيادهم. وأصبح الرق من التاريخ لسقوطه من زمن بعيد بعد اتفاق جميع أمم الأرض على إلغائه فلا داعي للتوسع فيه ...
ثانياً - القتـل :
تعريف القتل لغة و اصطلاحا .
القتل لغة : إزهاق النفس و إذهابها .
و قد عرفه ابن عرفه في الاصطلاح بقوله :" زهوق نفسه بفعلة ناجزا أو عقب غمرته " .
و يراد "بالزهوق ": خروج النفس – بسكون الفاء - .
و قوله " بفعله " : أي بفعل جاني ، سواء كان متعمدا أو غير ذلك .
و قوله "عقب غمرته " : أي عقب إصابة الجاني له أي أن تزهق نفسه بسبب إصابة الجاني عمدا أو خطئا .
ولا خلاف بين العلماء في أنّ القتل مانعٌ من موانع الإرث ، ولكنّ الخلاف في نوع القتل الذي يمنع منه .
أنواع القتل :
مع اتفاق العلماء على أنّ القتل مانع للإرث ، إلا إنهم اختلفوا في نوع القتل المانع ؛ وذلك أن القتل قسمان : قتل بغير حق ، وقتل بحق .
أولاً = القتل بغير حق : وهذا تحته أنواع :
(1) - قتل عمد : وهو ما كان بآلة قاتلة على سبيل القصد والتصميم ، فهو يُوجب القصاص ، والإثم ، دون الكفارة .
والآلة القاتلة ـ كما عرَّفها الإمام أبو حنيفة ـ هي التي لها حدّ تُفرِّق الأجزاء ؛ كسلاح ، أو ما يجري مجراه في تفريق الأجزاء ؛ كالنار ، والمحدّد من الخشب ، أو الحجر ، أو الزجاج .
وعرَّف صاحباه ـ أبو يوسف ، ومحمد ـ القتل العمد : بأن يتعمَّد ضربه بما يُقتل به غالباً ؛ وهو ما لا تطيقه البنية ؛ سواء أكان محدَّداً كالسيف أو السكين ، أم غير محدَّد ؛ كحجر عظيم ، وخشب عظيم .
ومثله القتل بالقنبلة .
وهذا القتل ـ كمـا قدّمنـا ـ يُوجب القصـاص ، والإثم ؛ لقوله تعالى :" كتب عليكم القصاص في القتلى " [البقرة : 178] ، ولقوله عزّ وجلّ : " ومن يقتل مؤمناً متعمِّداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً " [النساء : 93] .
ولكونه فاحشة وجريمة آثمة ، لم تُشرع فيه الكفَّارة التي فيها معنى العبادة .
(2)-قتل شبه عمد : كأن يتعمَّد ضرب شخص بما لا يقتل عادة ؛ كالضرب بيده ، أو سوطه ، أو حجر صغير ، أو عصا ليّنة ، أو ما أشبهها ، فيموت منه . فهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، والكفارة ، مع الإثم .
وسُمِّي هذا النوع "شبه عمد" ؛ لأنَّ فيه معنى العمدية ، باعتبار قصد الفاعل إلى الضرب ، ومعنى الخطأ ، باعتبار عدم قصده إلى القتل ؛ لأنَّ الآلة التي استعملت فيه ليست آلة قتل ، فكان خطأً يُشبه العمد ، فلم يجب فيه القصاص ، ووجبت فيه الكفارة ، والدية المغلَّظة على العاقلة ، ودخل تحت قوله تعالى : " ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلَّمة إلى أهله " ـ إلى قوله ـ " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله " [النساء : 92] . وفي هذا النوع إثم الضرب ؛ لوجود القصد إليه ، وارتكاب ما هو محرَّم شرعاً ، لا إثم القتل ؛ لأنَّه لم يقصده .
(3)- قتل خطأ: وهو إمّا أن يكون خطأ في القصد ؛ كأن يرمي شبحاً يظنّه حيواناً ، فإذا هو إنسان . وإمَّا أن يكون خطأ في الفعل ؛ كأن يرمي طائراً فيُصيب إنساناً ، فيقتله . فهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، والكفارة ، ولا إثم عليه .
(4)- قتل شبه خطأ ، أو جار مجرى الخطأ ، أو ملحق به ؛ كأن ينقلب النائم على إنسان فيقتله . وهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، والكفارة ، وفيه إثم ترك التحرُّز والمبالغة في التثبُّت ، وهو دون إثم قصد القتل .
(5)- قتل بالتسـبُّب ؛ كأن يضع السمّ في الطعام ، أو يحفر بئراً فيتردّى فيه ، أو يُشارك القاتل برأي ، أو إعانة ، أو تحريض ، أو يشهد شهادة زور تؤدي إلى الحكم بالإعدام ، أو يكون ربيئة (وهو من يُراقب المكان أثناء مباشرة القتل) . فهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، ولا كفارة ، ولا قصاص فيه .
ثانياً = القتل بحق ، أو بعذر : وهذا على أنواع أيضاً :
(1)- القتل قصاصاً : كالجلاد يُنفِّذ حكم الإعدام بالقاتل .
(2)- القتل بالحدّ : كقتل المرتدّ .
(3)- القتل دفاعاً عن النفس ، أو المال .
(4)- قتل الزوج زوجته الزانية ، أو قتل المحرم لقريبته الزانية ، وقتل الزاني بها أيضاً .
(5)- القتل مبالغة في الدفاع عن النفس ؛ كأن يكون بحيث يستطيع ردّ هجوم الصائل عليه بما دون القتل ، لكنه يقتله .
ما هو القتل الذي يُعتبر مانعاً من موانع الإرث ؟
اختلف العلماء في القتل الذي يُعتبر مانعاً من موانع الإرث :
فقالت الشافعية : مجرّد القتل بجميع أنواعه السابقة ؛ سواء أكان بحق (مثل قاض حكم على أبيه بالقتل ، فلا يرث من باب سدّ الذرائع) ، أو بغير حقّ سـواء أكان بمباشرة ، أو بتسبّب (فلا يرث ، لتُهمة الاستعجال بالإرث) . وسواء كان القاتل عاقلاً بالغاً ، أو صبياً ، أو مجنوناً ؛ فالقاتل خطأ ، والقاضي الذي حكم بالقتل، والجلاد الذي نفَّذ القتل ، والمدافع عن نفسه ، والمنتقم لشرفه ، والأب يضرب ولده للتأديب فيقتله ؛ كلّ هؤلاء يُمنعون من الميراث أخذاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "ليس للقاتل شيء ، وإن لم يكن لـه وارث ، فـوارثه أقرب الناس إليه ، ولا يرث القاتل شـيئاً" ، وعملاً بقاعدة من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه
إذاً : الشافعية جعلوا مجرّد القتل مانعاً من موانع الإرث .
وقالت المالكية : القاتل له حالتان ؛ إمَّا أن يكون قتل مورِّثه عمداً عدواناً ـ فلا يرث من مال مورثه ولا من ديته ـ ؛ وإمَّا أن يكون قتله خطأ ـ فيرث من ماله ، ولا يرث من ديته ـ .
فالقتل المانع من الإرث ـ عند المالكية ـ هو القتل العدوان العمد المقصود بغير حقّ ، وبدون عذر ؛ سواء أكان مباشــرة ، أو من طريق التســبُّب . فمتى كان القتل قصداً مع العدوان ، منع من الإرث .
أمَّا القتل الخطأ ، أو بحق ، أو بعذر ، أو الذي وقع من صبي أو مجنون ، فلا يمنع من إرث المال ، وإنّما يمنع من إرث الدية ؛ لأنَّ الدية واجبة عليه ، فكيف يرث شيئاً قد وجب عليه .
وقالت الحنفية : كلّ قتل أوجب قصاصاً ، أو كفارةً مع الدية ، يمنع من الإرث ؛ وهو القتل بغير حقّ ، شريطة أن يكون بالمباشرة ، سواء أكان عمداً ، أو شبه عمد ، أو خطأ ، أو جارياً مجرى الخطأ .
وأمَّا القتل بالتسبُّب (كما لو حفـر بئـراً ، أو وضع حجراً في الطريق ، فقتل مورّثـه) ، أو القتـل بحق ، أو بعذر ، فلا يمنع من الميراث .
وقالت الحنابلـة : إنّ القتل المانع هو ما أوجب عقوبة على القاتل ؛ سواء أكانت عقوبة جسمية (كما في القتل العمد)، أو ماليَّة (كما في القتل الخطأ)، والقتل بالتسبُّب . فكلّ قتلٍ مضمون بقصاص ، أو دية ، أو كفارة ، يمنع الإرث ؛ فالقتل بغير حقّ ، سواء بمباشرة، أو بتسبّب ، يكون مانعاً من الإرث عند الحنابلة ؛ تعميماً لسدّ الذريعة ، ولئلا يدّعي العامِد أنه قَتَل خطأً .
هل يقضى دين الميت من ديته ؟
للعلماء في ذلك قولان :
الأول : هي على الميراث ولا تقضى منها ديونه ولا تنفذ منها وصاياه.
لأنها تحدث على ملك الورثة ابتداء لأنها إنما تستحق بعد الموت وبالموت تزول أملاك الميت الثابتة له ويخرج عن أن يكون أهلاً للملك , وإنما يثبت الملك لورثته ابتداء .
الثاني : أنها تحدث على ملك الميت لأنها بدل نفسه فيكون بدلها له كدية أطرافه المقطوعة منه في الحياة، ولأنه لو أسقطها عن القاتل بعد جرحه إياه كان صحيحاً وليس له إسقاط حق الورثة ولأنها مال موروث فأشبهت سائر أمواله .
ومبنى هذا الخلاف على أن الدية ملك الميت أو على ملك الورثة ابتداء تجهيز الميت من ديته :
قال في المغني :ولا أعلم خلافاً في أن الميت يجهز منها إن كان قبل تجهيزه لأنه لو لم يكن له شيء لوجب تجهيزه على من عليه نفقته لو كان فقيراً فأولى أن يجب ذلك في ديته.
ثالثـاً - اختلاف الدين :
المراد به : أن يكون المورث على ملة ، والوارث على ملة أخرى .
فإذا كان الموِّرث مسلماً والوارث كافراً ، أو كان الموِّرث كافراً والوارث مسلماً ، لم يرث أحدهما الآخر . لانقطاع الصلة بينهما ..
ولذلك قال الله تعالى لنوح – عليه السلام – عن ابنه الكافر : ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ ( هود:46) .
دليل ذلك : حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم ] ..- رواه البخاري ومسلم - ..
وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يتوارث أهل ملتين شتى [ - رواه أحمد وأبو داود- ...
وسبب المنع انقطاع الموالاة ، وانعدام النصرة بين المسلم وغير المسلم ، والإرث أساسه النصرة .
1 - أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم .
2 - حكم توريث المسلم من الكافر للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال :
الأول : لا يرث المسلم الكافر يروى هذا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم.
وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري وعطاء وطاوس والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وقول لمالك والشافعي وعامة الفقهاء وعليه العمل.
فإن أحمد قال : ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الكافر.
قال عمر بن الخطاب: أهل الشرك لا نرثهم ولا يرثونا .
وعن الشعبي : أن رسول الله وأبا بكر وعمر قالوا: لا يتوارثُ أهل دينين .
وعن عليّ : لا يرث المسلمُ الكافر .
واحتجوا بـ : ما روى أسامة بن زيد عن النبيّ أنه قال: « لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر » متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله : « لا يتَوَارَثُ أَهْلُ ملّتين » رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ.
ولأن الولاية منقطعة بين المسلم والكافر فلم يرثه كما لا يرث الكافر المسلم.
الثاني : إن المسلم يرث من الكافر والكافر لا يرث من المسلم.
روي عن عمر ومعاذ ومعاوية رضي الله عنهم وحكي ذلك عن محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وسعيد بن المسيب ومسروق وعبد الله بن معقل والشعبي والنخعي ويحيى بن يعمر وإسحاق وليس بموثوق به عنهم.
أخرج الدارمي عن مسروق قال : كان معاوية يورث المسلم من الكافر، ولا يورث الكافر من المسلم، وقال مسروق : وما حدث في الإسلام قضاء أحبّ إليَّ منه .
وعن الشعبي قال : لمّا قضى معاوية بما قضى به من ذلك، فقال عبد الله بن معقل : ما أحدث في الإسلام قضاء بعد قضاء أصحاب رسول الله هو أعجبُ إليَّ من قضاء معاوية، إنّا نرثهم ولا يرثونا، كما أنّ النكاح يحلّ لنا فيهم ولا يحلّ لهم فينا .
وأخرج ابن أبي شيبة : عن أبي الأسود الدّؤلي قال : كان معاذ باليمن، فارتفعوا إليه في يهوديّ مات وترك أخاه مسلماً فقال معاذ : إني سمعتُ رسول الله يقول: « إنّ الإسلام يزيد ولا ينقص » فورّثه .
وروي أن يحيى بن يعمر احتج لقوله فقال: حدثني أبو الأسود أن معاذاً حدثه أن رسول الله قال: «الإسلام يزيد ولا ينقص» ولأننا ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا فكذلك نرثهم ولا يرثوننا.
الثالث : وقال مالك يرث المسلم مولاه النصراني لأنه يصلح له تملكه ولا يرث النصراني مولاه المسلم لأنه لا يصلح له تملكه .
إن الكافر لا يرث المسلم، والمسلم لا يرث الكافر، سار عليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، حتى ولي معاوية، فورّث المسلم من الكافر.
وأخذ بذلك الخلفاء، حتى جاء عمر بن عبد العزيز فراجع السنة الأولى، فلما قام هشام بن عبد الملك، أخذ بسنة الخلفاء كما نقل ابن أبي شيبة .
حكم من أسلم على ميراث قبل أن يقسم ميراث مورثه المسلم هل يقسم له؟.
للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال هي كالتالي :
الأول : إن من أسلم بعد الموت لا يرث قد وجبت المواريث لأهلها.
وهذا المشهور عن علي رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والزهري وسليمان بن يسار والنخعي والحكم وأبو الزناد وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية وعامة الفقهاء لقول النبيّ : « لا يرث الكافر المسلم » ولأن الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا ولأن المانع من الإرث متحقق حال وجود الموت فلم يرث كما لو كان رقيقاً فأعتق أو كما لو بقي على كفره .
في المدونة قيل لمالك : إن مات نصراني وورثه نصراني فأسلموا قبل أن يقسم ماله، علام يقسمون على ورثة الإسلام؟
قال : بل على ورثة النصارى التي وجبت لهم يوم مات صاحبهم .
الثاني : إن من أسلم بعد الموت يرث ولو أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي، فأما إذا قسمت التركة وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له وإن كان الوارث واحداً فإذا تصرف في التركة واحتازها كان بمنزلة قسمتها وروي نحو هذا عن عمر وعثمان والحسن بن علي وابن مسعود وبه قال جابر بن زيد والحسن ومكحول وقتادة وحميد وإياس بن معاوية وإسحاق وبه قال الحسن وهي الرواية في مذهب أحمد
حجتهم :
1 - قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أسلم على شيء فهو له » رواه سعيد من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ،
2 - روى أبو داود بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كل قسم قسّم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام ».
3 - روى ابن عبد البر بإسناده في التمهيد عن زيد بن قتادة العنبري : أن إنساناً من أهله مات على غير دين الإسلام فورثته أختي دوني وكانت على دينه ثم إن جدي أسلم وشهد مع النبيّ حنيناً فتوفي فلبثت سنة وكان ترك ميراثاً ثم إن أختي أسلمت فخاصمتني في الميراث إلى عثمان رضي الله عنه فحدثه عبد الله بن أرقم أن عمر قضى : أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه فقضى به عثمان فذهبت بذلك الأول وشاركتني في هذا.
قال في المغني : وهذه قضية انتشرت فلم تنكر إجماعاً ولأنه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته لثبت له الملك فيه، ولو وقع إنسان في بئر حفرها لتعلق ضمانه بتركته بعد موته فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته بتركته ترغيباً في الإسلام وحثاً عليه، ..
الثالث : يقسم على قسم الإسلام إن كان الموِّرث مجوسياً ليس بذي ذمة قال به ابن القاسم .
ما حكم توارث الكفار بعضهم من بعض ؟ .
للكفار حالتين :-
الأولى : أن يكونوا على دين واحد كاليهود مثلاً فالحكم في هذه الحالة يرث بعضهم من بعض بلا خلاف بين العلماء .
بدليل حديث عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عَنْهُما قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ : « لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ » رَوَاهُ أَحمد والأرْبَعَةُ إلا الترمذيَّ، وَأَخْرجهُ الحاكمُ بلفظِ أُسامَةَ، ورَوى النسائي حديثَ أسامةَ بهذا اللفْظِ.
الثانية : أن يكونوا على أديان مختلفة كاليهود مع النصارى فللعلماء في هذه الحالة ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الكفر ملة واحدة وهو قول كثير من أهل العلم منهم الحنفية والشافعية ورواية عند الحنابلة ويشترط الشافعية والحنفية اتحاد الدار لأنه مانع من موانع الإرث عندهم.
واستدلوا بعموم الآيات في المواريث ، وعموم قوله تعالى : { وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } (73) سورة الأنفال ..
الثاني : الكفر ثلاث ملل اليهودية والنصرانية ودين من عداهم لأن من عداهم يجمعهم أنهم لا كتاب لهم وهذا قول المالكية وقال به شريح وعطاء وعمر بن عبد العزيز والضحاك والحكم والثوري والليث وشريك ومغيرة والضبي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح و وكيع والقاضي أبو يعلى وروي عن النخعي والثوري.
الثالث : أن الكفر ملل مختلفة فلا توارث بينهم ولا ينظر في هذا القول إلى وجود كتاب من عدمه وهذا قول أحمد في رواية والأوزاعي روي ذلك عن عليّ، وبه قال الزهري وربيعة وطائفة من أهل المدينة وأهل البصرة وإسحاق وروي عن النخعي والثوري .
واستدلوا بحديث « لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ » والحديث دليل على أنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين بالكفر أو بالإسلام والكفر.
وقد روي عن عليّ رضي الله عنه فإن إسماعيل بن أبي خالد روى عن الشعبي عن علي عليه السلام: أنه جعل الكفر مللاً مختلفة. ولم يعرف له مخالف في الصحابة فيكون إجماعاً.
وذهب الجمهور إلى أن المراد بالملتين الكفر والإسلام فيكون كحديث «لا يرث المسلم الكافر ــــ الحديث».
أمثلة تطبيقية :
1- توفي رجل حرٌّ عن ( أب رقيق، وأخ حر ) .
- يرثه أخوه ، ولا يرثه أبوه لأنه رقيق .
2- توفيت امرأة رقيقة عن ( ابن حر، وابن رقيق ) .
- لا يرثان منها ، لأن الرقيق لا يرث ولا يورَث.
3- توفي رجل عن ( أخ قاتل، وابن عم ).
- يرثه ابن عمه، ولا يرثه أخوه إن كان هو الذي قتله، أما إن كان قاتلاً لغيره فيرث ويحجب ابن عمه ..
4- توفي رجل عن (أخ قتله قصاصا، وعم ).
- يرثه أخوه ، و العم صالح للإرث لكنه هنا محجوب بالأخ ، لأنهما عصبتان بأنفسهما، فقدمت الأخوة على العمومة، فحجب القريبُ البعيد، قال تعالى في شأن الأخ الشقيق أو لأبوهو يرثها إن لم يكن لها ولد).
5- توفي رجل مسلم عن ( زوجة نصرانية، وأخ نصراني، وابن عم مسلم ) .
- يرثه ابن عمه لاتفاق الدين، ولا ترثه زوجته ولا أخوه لاختلاف الدين.
6- توفيت امرأة يهودية عن ( زوج مسلم، وابن مسلم، وابن عم يهودي) .
- يرثها ابن عمها اليهودي لاتفاق الدين، ولا يرثها زوجها ولا ابنها لاختلاف الدين.
7- توفي رجل نصراني عن ( عم نصراني، وابن ارتد إلى النصرانية)
- يرثه عمه لاتفاق الدين، ولا يرثه ابنه ولا يحجب العم ، لأنه مرتد حتى ولو ارتد إلى دين أبيه ، والمرتد لا يرث ولا يورث ولا يحجب .
8- توفي رجل ارتد إلى النصرانية عن ( ابن مسلم، وأخ نصراني) .
- لا يرثه أيٌّ منهما، لأن المرتد لا يرث ولا يورث.
موانع الإرث المختلف فيها
موانع الإرث المختل فيها ثلاثة
اختلاف الدار بين الكفار ، والردة ، الدور الحكمي .
أ ـ اختلاف الدار فيما بين الكفار :
للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال :
القول الأول : إن اختلاف الدار فيما بين الكفار مانع من موانع الإرث وهذا قول الحنفية والمشهور في المذهب الشافعي وأحد قولي أحمد وذلك لانقطاع التناصر والتآزر بينهم .
القول الثاني : أنه ليس بمانع وهو قول المالكية ورواية عند الشافعية وقول عند الحنابلة هذا إذا كان اليهودي والنصراني مثلاً ذميين أو حربيين، سواء كان الحربيان مختلفي الدار أو متَّفِقَيْها، كالروم والهند لأن العمومات من النصوص تقتضي توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ولا يصح فيهم قياس، فيجب العمل بعمومها.
ومفهوم قوله عليه السلام: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» أن أهل الملة الواحدة يتوارثون.
وقد روي أن عمرو بن أمية كان مع أهل بئر معونة فسلم ورجع إلى المدينة فوجد رجلين في طريقه من الحي الذي قتلوهم وكانا أتيا النبيّ في أمان ولم يعلم عمرو فقتلهما، فوداهما النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ولا شك في أنه بعث بديتهما إلى أهلهما.
قال القاضي : ولا نعلم في هذا كله حجة من كتاب ولا سنة مع مخالفته لعموم النص المقتضي للتوريث ولم يعتبروا الدين في اتفاقه ولا اختلافه مع ورود الخبر فيه وصحة العبرة فيها فإن المسلمين يرث بعضهم بعضاً وإن اختلفت الدار بهم فكذلك الكفار.
القول الثالث : أنه ليس بمانع إلا في حق الحربي مع المعاهد والذمي لأنهما معصومان بالعهد والأمان والحربي غير معصوم وهو قول للشافعية .
مثال : لو مات يهودي ذمي عن ابنٍ مثله، وابنٍ نصراني ذمي، وابنٍ يهودي معاهَد، وابنٍ يهودي حربي،
فعلى القول الأول : ان التركة للابن اليهودي الذمي فقط .
وعلى القول الثاني : أن التركة للجميع .
وعلى القول الثالث : أن التركة لجميعهم، غير الحربي .
والمعاهد والمستأمن، هل هما كالذمي، أم كالحربي؟
فيه قولان:
الأول : أنهما كالذمي لأنهما معصومان بالعهد والأمان. فعلى هذا، يتوارث الذمي والمستأمن.
وهو المنصوص عليه عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة ورواية عند الحنفية .
والقول الثاني : أنهما كالحربي لأن دارهما مختلفة فعلى هذا لا يتوارث الذمي والمستأمن فالمستأمن من أهل دار الحرب حكما لتمكنه من الرجوع إليها والذمي من أهل دار الإسلام وهو قول أبي حنيفة وقول عند الشافعية ورواية عند الحنابلة ..
حقيقة اختلاف الدارين :
القول الأول : أن يكون أحدهم ذمي والآخر حربي وهو قول الشافعية والحنابلة .
القول الثاني : اختلاف الدار على ثلاث أنواع وهو قول الحنفية .
النوع الأول : اختلاف الدارين حقيقة وحكما كالحربي والذمي والحربيين في دار مختلفين كالهند مع الترك .
النوع الثاني : اختلاف الدارين حكما كالذمي والمستأمن في دار الإسلام .
النوع الثالث : اختلاف الدارين حقيقة كالحربي في دارهم والمستأمن في دارنا.
ب ـ الردة :
قال في المغني :لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أن المرتد لا يرث أحداً.
وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وذلك لأنه لا يرث مسلماً لقول النبيّ : « لا يرث كافر مسلماً » ولا يرث كافراً لأنه يخالفه في حكم الدين لأنه لا يقر على كفره فلم يثبت له حكم أهل الدين الذي انتقل إليه ولهذا لا تحل ذبيحتهم ولا نكاح نسائهم وإن انتقلوا إلى دين أهل الكتاب، ولأن المرتد تزول أملاكه الثابتة له واستقرارها فلأن لا يثبت له ملك أولى.*هل الردة مانع من موانع الإرث ؟
للعلماء في هذه المسألة قولين :
الأول : أنها ليست بمانع مستقل وإنما تابع لمانع الكفر وهو قول الجمهور .
الثاني : إنها مانع مستقل وهذا قول الشافعية لأن المرتد لا ملة له فلا يندرج تحت اختلاف الدين وإن انتقل أخوين إلى دين أهل الكتاب فلا ميراث بينهما فالمولاة بينهما كالعدم .
والخلاف هنا لفظي فالمنع لازم سواء سميت مانع أو لا .
ولو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر فإن المرتد لا يرث ولا يورث .
*إذا أسلم المرتد قبل قسمة مال مورثه المسلم .؟
القول الأول : إن أسلم قبل قسم ميراث مورثه المسلم قسم له وإن أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي، فأما إذا قسمت التركة وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له وإن كان الوارث واحداً فإذا تصرف في التركة واحتازها كان بمنزلة قسمتها وروي نحو هذا عن عمر وعثمان والحسن بن علي وابن مسعود وبه قال جابر بن زيد والحسن ومكحول وقتادة وحميد وإياس بن معاوية وإسحاق ورواية عند الحنابلة وبه قال الحسن لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أسلم على شيء فهو له » رواه سعيد من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة عن النبيّ ، ..
وروى أبو داود بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله : « كل قسم قسّم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام ».
وروى ابن عبد البر بإسناده في التمهيد عن زيد بن قتادة العنبري: أن إنساناً من أهله مات على غير دين الإسلام فورثته أختي دوني وكانت على دينه ثم إن جدي أسلم وشهد مع النبيّ حنيناً فتوفي فلبثت سنة وكان ترك ميراثاً ثم إن أختي أسلمت فخاصمتني في الميراث إلى عثمان رضي الله عنه فحدثه عبد الله بن أرقم أن عمر قضى: أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه فقضى به عثمان فذهبت بذلك الأول وشاركتني في هذا .
قال في المغني : وهذه قضية انتشرت فلم تنكر إجماعاً ولأنه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته لثبت له الملك فيه، ولو وقع إنسان في بئر حفرها لتعلق ضمانه بتركته بعد موته فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته بتركته ترغيباً في الإسلام وحثاً عليه .
القول الثاني : إن من أسلم بعد الموت لا يرث قد وجبت المواريث لأهلها.
وهذا المشهور عن علي رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والزهري وسليمان بن يسار والنخعي والحكم وأبو الزناد وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية وعامة الفقهاء لقول النبيّ :
«لا يرث الكافر المسلم» ولأن الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا ولأن المانع من الإرث متحقق حال وجود الموت فلم يرث كما لو كان رقيقاً فأعتق أو كما لو بقي على كفره.
حكم مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته :
القول الأول : إن مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته يكون فيئاً في بيت مال المسلمين، وهو قول ابن عباس وربيعة ومالك وابن أبي ليلى والشافعي رضي الله عنهم وأبي ثور وابن المنذر وهو الصحيح في مذهب الحنابلة، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» وقوله: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» ولأنه كافر فلا يرثه المسلم كالكافر الأصلي، ولأن ماله مال مرتد.
فأشبه الذي كسبه في ردته، ولا يمكن جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الأديان، ولأنه يخالفهم في حكمهم فإنه لا يقر على ما انتقل إليه ولا تؤكل له ذبيحة ولا يحل نكاحه إن كان امرأة.
القول الثاني : أنه لورثته من المسلمين ولم يفرق بين تلاد ماله وطارفه.
وروي ذلك عن أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم.
وبه قال ابن المسيب وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء والشعبي والحكم والأوزاعي والثوري وابن شبرمة وأهل العراق وإسحاق ورواية عن أحمد والحنفية في الأنثى لأنها لا تقتل بل تحبس حتى تسلم ورواية عندهم في الذكر ورواية أخرى هي القول الثالث في هذه المسألة.
ووجه هذا القول أنه قول الخليفتين الراشدين فإنه يروى عن زيد بن ثابت قال: بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين.
ولأن ردته ينتقل بها ماله فوجب أن ينتقل إلى ورثته المسلمين كما لو انتقل بالموت .
القول الثالث : ما اكتسبه في ردته يكون فيئاً وما كان قبل ذلك فلورثته قال به الثوري وأبا حنيفة واللؤلؤي وإسحاق .
القول الرابع : أن ماله لأهل دينه الذي اختاره إن كان منهم من يرثه وإلا فهو فيء، وبه قال أحمد في رواية داود وروي عن علقمة وسعيد بن أبي عروة لأنه كافر فورثه أهل دينه كالحربي وسائر الكفار.
ويلاحظ هنا إن هناك فرق بين القولين الأول والثاني فالفيء غير الميراث فالفيء يؤخذ كما يؤخذ مال الذمي إذا لم يخلف وارثاً وكالعشور.
حكم ارتداد احد الزوجين :
القول الأول : إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، ولم يرث أحدهما الآخر، وإن كانت ردته بعد الدخول ففيه روايتان:
إحداهما : يتعجل الفرقة .
والأخرى : يقف على انقضاء العدة وأيهما مات لم يرثه الآخر ، وهو المذهب عند الحنابلة .
لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : «لا يرث المسلم الكافر» .
القول الثاني : المرتد ترثه زوجته سواء انقضت عدتها أو لم تنقض كالتي يطلقها زوجها في مرض موته ليحرمها الميراث لأنه فار من ميراثها ..
وهذا قول المالكية ورواية عند الحنابلة .
القول الثالث : إذا ارتدت المريضة فماتت في عدتها أو لحقت بدار الحرب وورثها زوجها وقال به أبو يوسف .
القول الرابع : إذا ارتد الرجل فقتل على ردته ألحق بدار الحرب بانت منه امرأته فإن كانت مدخولاً بها ورثته إذا كان ذلك قبل انقضاء عدتها، ..
وإن كانت غير مدخول بها بانت ولم ترثه وإن ارتدت المرأة من غير مرض فماتت لم يرثها زوجها لأنها لا تقتل فلم تكن فارة من ميراثه بخلاف الرجل ، وهذا القول مروي عن أبي حنيفة .
*حكم ارتداد الزوجين معاً .
القول الأول : ارتداد الزوجين معاً كارتداد أحدهما في فسخ نكاحهما وعدم ميراث أحدهما من الآخر سواء لحقا بدار الحرب أو أقاما بدار الإسلام، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد . ،
القول الثاني : إذا ارتدا معاً لم ينفسخ النكاح ولم يتوارثا لأن المرتد لا يرث المرتد ما داما في دار الإسلام فإن لحقا بدار الحرب توارثا وبه قال أبو حنيفة .
ومتى مات الذمي ولا وارث له كان ماله فيئاً، وكذلك ما فضل من ماله عن وارثه كمن ليس له وارث إلا أحد الزوجين فإن الفاضل عن ميراثه يكون فيئاً لأنه ما ليس له مستحق معين فكان فيئاً.
كمال الميت المسلم الذي لا وارث له.
في ميراث المجوس :
ومن جرى مجراهم ممن ينكح ذوات المحارم إذا أسلموا وتحاكموا إلينا : -
قال في المغني : لا نعلم بين علماء المسلمين خلافاً في أنهم لا يرثون بنكاح ذوات المحارم، فأما غيره من الأنكحة فكل نكاح اعتقدوا صحته وأقروا عليه بعد إسلامهم توارثوا به سواء وجد بشروطه المعتبرة في نكاح المسلمين أو لم يوجد وما لا يقرون عليه بعد إسلامهم لا يتوارثون به .
ج ـ الدور الحكمي :
هو كل حكم أدى ثبوته لنفيه فيدور على نفسه ويحكم عليه بالبطلان والمراد به هنا أن يلزم من التوريث عدمه .
مثال : هو أن يقر أخ حائز للمال بابن للميت .
أقوال العلماء في هذه المسألة :
القول الأول : أنه يرث ولا يثبت نسبه إلا إذا أقر به عدلان من الورثة ولا يشترط كون المقر حائزاً وهذا قول المالكية .
القول الثاني : يثبت نسبه ولا يرث فهو إذاً مانع من موانع الإرث بشرط أن يكون المقر حائز جميع المال سواء كان واحد أو أكثر ..
ويشترط أن يكون المقر بنسبه يحجب المقر حرماناً فلو أقر بمن يحجبه حجب نقصاناً كما لو اقر ابن بابن آخر ثبت نسبه وإرثه ..
وهذا قول الشافعية في أظهر قوليهم ووجه ذلك عندهم كون الدور مانع من موانع الإرث لأنه لو ورث لم يكن الأخ حائزاً بل يكون محجوباً فلم يصح إقراره فلم يثبت نسبه فلا يرث فأدى إرثه لعدم إرثه .
القول الثالث : إنه ليس بمانع بل يثبت نسبه وإرثه وهو قول أبي حنيفة والشافعية في قول وأحمد .
وذلك لأن الأخ قبل الإقرار كان وارثاً والوارث يقوم مقام الموِّرث في ميراثه والدين له وعليه وبيناته ودعاويه والإيمان التي كانت عليه وله وكذلك في النسب فإذا ثبت النسب ثبت الإرث لأن الإرث فرع النسب ولا يلتفت إلى الدور الثاني .
القول الرابع : لا يثبت نسبه ولا يرث وهو قول داوود الظاهري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق