18‏/01‏/2013



الدرس : [24] :  باب : الحقوق المتعلقة بالتركة

[ باب : الحقوق المتعلقة بالتركة ]

[ باب : التعريف بالإرث ]
وبيان أركانه وشروطه وأسبابه وموانعه.

الإرث، ويسمى الميراث والوراثة والتراث . 
وهو لغة : انتقال قِنية من شخص لآخر، من غير عقد ولا ما يجري مجرى العقد .
و الميراث في اللغة العربية مصدر ( ورث ) يرث إرثا وميراثا ، يقال ورث فلان قريبه وورث أباه قال تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} ، وقال تعالى : {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} .
ويطلق الميراث باللغة على معنيين أيضاً :
الأول : البقاء ، سمي الله تعالى ( الوارث) أي الباقي بعد فناء الخلق ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : ” اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني )، أي أبقيهما معي سالمين صحيحين حتى أموت .
الثاني : انتقال الشيء من قوم إلى قوم آخرين ، سواء كان ماديا كالأموال أو معنويا كالمجد والأخلاق والعلم .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ،إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ "(حديث مرفوع ) 
واصطلاحاً : هو انتقال الملكية من الميت إلى ورثته الأحياء .
وعُرف أيضاً : ما ينتقل جبراً بالموت إلى الوارث من تركة مورثه، بحدود شرعية. 
شرح التعريف ( ما ينتقل جبراً بالموت إلى الوارث من تركة مورثه ) أي يثبت ملك الوارث بلا اختيار منه لما ورثه من مورثه من حين موته . 
فأخرج ما يتعلق بالتركة من سائر الحقوق غير الإرث، وما ينتقل إلى الوارث من تركة مورثه باختياره كدين له على مورثه، أو كان باختياره ورضا الورثة، فوصية له من مورثه. 
(بحدود شرعية) هي تحقيق شروط الإرث، وأحد أسبابه، وانتفاء موانعه وإيفاء التركة للإرث وسائر الحقوق المتعلقة بها.
و علم الفرائض : عُرف بعدة تعريفات :

* من أحسنها علم يعرف به من يرث ومن لا يرث ومقدار مال لكل وارث .
* وعُرف أيضاً بأنه فقه المواريث وعلم الحساب الموصل لمعرفة أصل السهام وتصحيحها وقسمة التركات على مستحقيها .
* وعرفه بعضهم : " هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المتعلقة بالمال بعد موت مالكه تحقيقا أو تقديرا " .
حـــكــمـــه :
هذا العلم من فروض الكفاية وقد أجمعت الأمة على ذلك . 
فقد رغب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تعلمه وتعليمه وحذر من الجهل به ، واستوفى الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ النظر فيه وفي فروعه أكثر من غيره ، فمن استكثر منه فقد اهتدى بهداهم .
قال " عمر بن الخطاب " ـ رضي الله عنه ـ : " تعلموا الفرائض فإنها من دينكم ".
وقال أيــضـــا : " إذا لهوتم فالهوا بالرمي وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض ".
وقال " عبد الله بن مسعود " ـ رضي الله عنهما ـ :" تعلموا القرآن والفرائض فانه يوشك أن يفتقر الناس إلى علم من يعلمها " .
وقال " أبو موسى الأشعري " ـ رضي الله عنه ـ : " مثل الذي يقرأ القرآن ولا يحسن الفرائض كمثل لابس برنس ولا رأس له " .
وقال " مالك " ـ رحمه الله ـ : " لا يكون الرجل عالما مفتيا حتى يحكم الفرائض والنكاح والأيمان" .
أركـان الإرث 

الركن لغةً : قال في لسان العرب رَكِنَ إِلـى الشيء أَي مال إِلـيه وسكن.
ورُكْن الشيء : جانبه الأَقوى . والـجمع أَرْكَان وأَرْكُنٌ .
وقـيل فـي قوله تعالـى عن لوط عليه السلام : { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (80) سورة هود ..
قال ابن كثير ولهذا ورد في الحديث من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إِلى ركن شديد ـ يعني الله عز وجل ـ فما بعث الله بعده من نبي إِلا في ثروة من قومه » إِن الرُّكْن القُوَّة .
الركن في الاصطلاح : ما كان جزءاً من الشيء ولا يوجد ذلك الشيء إلا به .
مثاله الركوع في الصلاة فهو ركن لأن الركوع جزء من الصلاة ولا توجد صلاة إلا به .
وللإرث ثلاثة أركان هي:
الركن الأول : المورِّث .
وهو المتوفى حقيقة أو حكماً (كالمفقود) فلو طلب أولاد إرثهم من والدهم في حياته، لم يجابوا إلى ذلك، لعدم وجود المورِّث، فإن وافق والدهم على ذلك، لم يكن ما أعطاهم إرثاً، وإنما هدية.
الركن الثاني : الوارث .
وهو من يعقب المورِّث بعد موته ويرثه وقام به سبب من أسباب الإرث كابن الميت وزوج الميت وهو حي حقيقة أو تقديراً ( كالحمل ) .
الركن الثالث : الموروث .
وهو ما يرثه الورثة من تركة مورثهم .
فإن لم تكن للميت تركة، أو لم تفِ تركته بحق الورثة، لم يحصل الإرث فإذا انعدم أحد هذه الأركان فلا إرث.
شـــروط الإرث
الشرط لغةً : بمعنى العلامة لأنه علامة على المشروط ومنه قوله تعالى { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا } أي علاماتها ،.
وقيل الشَّرْط : معناه في اللغة : هو إلزام الشيء والتزامه.

- وقد اشتهر بين كثير من المدرسين والطلاب أن الشرْط في اللغة: العلامة، وهذا خطأ، وهو خطأ مشهور أيضاً، لأن الصحيح أن الذي معناه العلامة هو : الشَّرَط كما في ( القاموس ) وفي ( المصباح ).
- قال في القاموس : ( وبالتحريك العلامة ).
- قال في ( المصباح ) : ( والشَّرَط بفتحتين العلامة ).
وفي الاصطلاح : ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته .
كالطهارة مثلاً فإنها من شروط الصلاة فإذا انعدمت الطهارة انعدمت الصلاة ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة فقد يتطهر الإنسان ولا يصلي.
وللإرث شروط ثلاث :
الشرط الأول : تحقق موت الموِّرث .
أما موت المورِّث فلقوله تعالى : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك ) النساء: من الآية 176
ويحصل تحقق الموت بالمعاينة والاستفاضة وشهادة عدلين .
وفي عصرنا فأن الطبيب الشرعي يقوم بفحص الميت ويحرر شهادة وفاة رسمية وهذا متفق مع الشرع .
أو حكماً : بأن يحكم القاضي بموت المفقود الذي يعتبر ميتاً من تاريخ حكم القاضي .
أو تقديراً : بانفصال جنين ميت من حامل بضرب بطنها فإنه يقدر موت الجنين بالضرب ويحكم بوجوب الغرَّة وهي خمسون ديناراً ذهبياً أي نصف عشر الدية الكاملة ذكراً كان أو أنثى وتجعل ضمن تركته لتورث عنه 
فائدة : إرث الجنين وميراثه .
توزع الغرة على ورثة الجنين باتفاق المذاهب الأربعة على النحو التالي :
الجمهور : من – المالكية والشافعية والحنابلة – يعتبرون الجنين حياً فقط بالنسبة للغرة وتوزع على ورثته الموجودين وقت الجناية ولا يرث هو من غيره للشك في حياته وقت الجناية.
** الحنفية : يقدر الجنين وقت الجناية حياً مطلقاً للغرة وغيرها وأنه مات بعد الجناية فيرث من غيره ممن مات بعد تكون خلقه في بطن أمه وتسري عليه جميع أحكام الإرث من حجب وغيره ثم تضاف الغرة لنصيبه من الميراث وتُورث عنه تركته كاملة لورثته الأحياء الموجودين وقت الجناية . 
الشرط الثاني : تحقق حياة الوارث .
بعد موت المورِّث ولو لحظة حياة حقيقية أو تقديرية كالحمل .
وأما اشتراط حياة الوارث بعد موت مورِّثه؛ فلأن الله تعالى ذكر في آيات المواريث استحقاق الورثة باللام الدالة على التمليك، والتمليك لا يكون إلا للحي.
ويحصل تحقق حياته بعد موت مورثه : بالمعاينة، والاستفاضة، وشهادة عدلين .
وأما حياة الوارث تقديراً : فمثلوا له بالحمل يرث من مورثه إذا تحقق وجوده حين موت مورثه، وإن لم تنفخ فيه الروح بشرط خروجه حياً.
الشرط الثالث : العلم بجهة وسبب الإرث كالقرابة أو النكاح أو الولاء .
وأما اشتراط العلم بالسبب المقتضي للإرث ؛ فلأن الإرث مرتب على أوصاف كالولادة والأبوة والأخوة والزوجية والولاء ونحو ذلك، فإذا لم نتحقق من وجود هذه الأوصاف، لم نحكم بثبوت ما رتب عليها من الأحكام ؛لأن من شروط ثبوت الحكم أن يصادف محله، فلا يحكم بالشيء إلا بعد وجود أسبابه وشروطه وانتفاء موانعه.
ومعنى العلم بالسبب المقتضي للإرث : أن تعلم كيف يتصل الوارث بالمورث؛ هل هو زوج أو قريب أو ذو ولاء أو نحو ذلك؟
ودليل هذا الشرط قوله صلى الله عليه وسلم : « ورجل قضى على جهل فهو في النار » .
تعاريف مهمة .
*الموت الحقيقي : هو مفارقته الحياة فعلا , ويثبت ذلك برؤية أو سماع أو بحكم القاضي بناء على البينة من شهود ومستندات.
*موت الموِّرث حكما : يثبت بحكم القاضي موت الموِّرث اجتهادا أو بناءاً على القرائن والأحوال المرجحة موته بعد التحري عنه.
*حياة حقيقية : تثبت حياة الوارث حقيقة بالمشاهدة والبينة في محل القضاء. 
*حياة تقديرية : تثبت حياته تقديراً بأن يولد حياً بعد موت مورثه مع تحقق وجوده قبل الوفاة , كالحمل الذي حملت به أمه قبل وفاة أبيه ثم تم ميلاده حيا بعد الوفاة , فهذا من الورثة تقديرا عند موت أبيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق